سمين ولكن
تعرّف منظمة الصحة العالمية «السمنة» أنها بلوغ كتلة الجسم 30 أو أكثر. فيزداد معدل الإصابة بالسمنة بصورة تدعو للقلق، فرغم عدم وجود الإحصاءات الدقيقة لها في السعودية إلا أنها بحسب المركز الجامعي لأبحاث السمنة بجامعة الملك سعود بلغت في المجتمع السعودي 23.6 % من النساء و14% من الرجال، كما أن 30.7% بين الرجال و 28.4% بين النساء يعانون من فرط زيادة الوزن (كتلة الجسم 25 فما أعلى). وبلغ عدد الوفيات بسبب أمراض السمنة في السعودية نحو 20 ألف حالة سنوياً. بينما بلغ عدد الأطفال المصابين بالسمنة في المنطقة الشرقية فقط حوالى 7 آلاف طفل، وفقاً لما ذكرته دراسة للمكتب التنفيذي لمجلس وزراء الصحة الخليجيين.
ينفق النظام الصحي بالمملكة مايعادل 500 مليون ريال سعودي في السنة لتغطية نفقات المرضى المصابين بالسمنة بما في ذلك نفقات الأمراض المترتبة على زيادة الوزن مثل السكري الذي بلغت نسبة الإصابة به بحسب إحصائية لوزارة الصحة السعودية 13.4% لعمر 15 سنة فما أعلى. لذا تتضافر الجهود للتوعية ضد ارتفاع الوزن والسمنة وتبعاتها صحياً واجتماعياً واقتصادياً خصوصاً بعدم تغطية شركات التأمين علاجات السمنة.
عندما نتحدث عن السمنة بالخليج العربي وبالسعودية تحديداً فإننا نلامس خصوصية اجتماعية واقتصادية زادت من معدل السمنة لارتباطها بقلة النشاط البدني مع زيادة تناول الأطعمة غير الصحية أو عالية السعرات الحرارية والدهون المشبعة ولرخص سعر الطعام بالمقارنة مع دول غربية مثلاً.
كما يرتبط الترفيه بأعرافنا بتناول الطعام وارتياد المطاعم أو المقاهي أو التجمعات التي تحوي ما لذَّ وطاب من الحلويات والمعجنات والسكاكر والمشروبات عالية السكر، أو أطباق غنية بالدهون المشبعة والسعرات الحرارية، يرافق ذلك صعوبة الحصول على البدائل الصحية الشهية إما لقلة المصادر التي توفرها أو لغلاء سعرها بالمقارنة مع الأغذية غير الصحية. ولعاداتنا الاجتماعية بالكرم وإظهار الحفاوة بالضيف دور مهم بزيادة الوزن فدعوة أسبوعية من هذا النوع تخرق نظاماً غذائياً لشهر فكيف لو كان ذلك متكرراً.
أما النشاط البدني فبالتخطيط العمراني الجديد نرى أنفسنا مضطرين لاستخدام السيارة بتنقلاتنا، ولبعد المسافات للوصول للخدمات التي خصصت لها شوارع تجارية وحتى للأماكن القريبة فهناك مخاوف من التحرّش في بعض الأماكن بالنساء والأطفال.
لهذا لتمارس الرياضة في السعودية يجب أن توفر التجهيزات الرياضية بالمنزل أو الاشتراك بناد رياضي ننتقل له بالسيارة أيضاً وندفع له مبالغ باهظة أحياناً خصوصاً للنوادي النسائية القليلة العدد، ويصعب الانتظام للارتباط بالتزامات مهنية وعائلية واجتماعية. ويمكن استخدام مضمار المشي بالحدائق وهو الوسيلة الأرخص والأسهل توفراً وتواجه أيضاً عوائق الطقس، والخوف من التحرّش، وصعوبات المشي لمن يعاني من مشكلات احتكاك الركب.
لذا عندما ننشد مكافحة السمنة فعلينا أن نضع جميع تلك الاعتبارات لنفكر بخطط إستراتيجية واقعية وبالمشاركة مع أكثر من جهة مسؤولة للحد منها، وهذه بعض المقترحات:
• إلزام المطاعم والمقاهي بتوفير أطعمة صحية ضمن قوائمها موضحاً بها مكونات الطبق والسعرات الحرارية فيه.
• فرض ضرائب على الأغذية المسببة للسمنة لدعم الأبحاث لمكافحة السمنة.
• دعم المطاعم والمقاهي وأماكن بيع أطعمة الحمية ومراقبة أسعارها حكومياً.
• إلزام أماكن التجمعات مثل المدارس بتوفير مقصف يوفر الأطعمة الصحية.
• توفير حصص الرياضة بالمدارس والجامعات للإناث.
• تعليم الأنماط الصحية الغذائية والبدنية بالمدارس كمنهج مستقل.
• توفير أجهزة الرياضة الخاصة بالحدائق في الحدائق العامة.
• تخصيص ممشى آمن بالشوارع للدراجات الهوائية وتوفيرها بالأجرة للتنقل من جهة لأخرى بأسعار مدعومة حكومياً.
• إنشاء جسور المشاة بين الشوارع وخطوط المشاة بالشوارع.
• تعديل التخطيط العمراني بألا تحصر الخدمات الاستهلاكية في الشوارع التجارية فقط.
• دعم الأبحاث لمكافحة السمنة.
لمياء البراهيم
طبيبة استشارية - طب أسرة